مشكلات الموهوبين في البيئة المدرسية

مشكلات الموهوبين في البيئة المدرسية


إن إهمال الموهوبين بدعوى ديمقراطية التعليم لا يحقق العدالة الاجتماعية المطلوبة, فإهمال هذه الفئة ظلم للطالب الموهوب وظلم للمجتمع فالله سبحانه وتعالى خلق الناس متساويين في سمات كثيرة، والعدالة تكمن في رعاية كل فئة بما يناسبها ويحقق لها أقصى درجة ممكنة من النمو تشفع لهم في ذلك صفاتهم وخصائصهم وقدراته.


ولقد أشار أكثر من واحد من علماء التربية وعلم النفس, إلى أن كل من أتيحت له فرصة التدريس لأطفال متفوقين نابهين, أو أتيحت له فرصة التعامل أو التعايش معهم, قد أدرك إلى حد كبير أن هذه الفئة من الأطفال غير العاديين, وبالرغم تفوقهم ونبوغهم لا تسير حياتهم سهلة هينة, ذلك أنهم يتعرضون مثلهم في ذلك مثل الأطفال العاديين إلى العديد من المشكلات التي يتعرض لها الأطفال عامة في أثناء نموهم, إلا أنهم بالإضافة إلى ذلك, قد يواجهون أنواعاً أخرى من صعوبات التوافق التي قد لا يواجهها الطفل العادي.

وقد تسبب للأطفال الموهوبين بعض الصفات التي تميزهم صعاباً خطيرة للغاية. فأحيانا يجلب الذكاء المرتفع المتاعب لصاحبه بالبيت والمدرسة والمجتمع. فقد يجلب المستوى العالي من القدرة الأضرار على صاحبه إذا لم يفهمه المحيطون به فهماً جيداً وإذا لم يقدروه ويتقبلوه وقد يعتبر الطفل في بعض الأحيان مشاغباً أو خارجاً عن النظم المقررة بسبب عصيانه الناتج عن أن المدرس لا يفهم حاجاته ويطالبه بالقيام بنشاط أقل من مستواه العقلي بكثير, بل قد يتسبب عن عدم فهم المدرس لحالة التلميذ تأخره في تعلم القراءة والكتابة فهنا تنتج مشكلة التأخر الدراسي.


ويمكن تقسيم مشكلات التوافق الدراسية لدى التلاميذ الموهوبين إلى أربعة محاور هي:


أولاً: مشكلات متعلقة بأداء المعلمين.

ثانياً : مشكلات متعلقة بالمناهج الدراسية.

ثالثاً: مشكلات متعلقة بالنظام المدرسي.

رابعاً: مشكلات متعلقة بالجانب الشخصي للطفل الموهوب.




أولا: مشكلات متعلقة بأداء المعلمين:
يكون مدرسو المدرسة جزءاً صغيراُ من البيئة المدرسي, وهذا الجزء رغم صغره, إلا انه ذو أثر كبير في سلوك التلاميذ الاجتماعي.

والغالبية الكبرى من المعلمين يركزون كل جهودهم واهتماماتهم في توصيل المعلومات الى أذهان الطلاب العاديين, ولا يهتمون كثيراً بالأذكياء أو المبدعين, ومن البديهي أن المعلم الذي لا يمكنه تشجيع التفكير ألابتكاري لا يحتمل أن يتبناه, فمثلا هؤلاء المعلمين يعارضون التجديد ولابتكار, وكل ما يتصل بالأفكار الجديدة, والأسئلة غير المتوقعة التي تبدو من التلاميذ, والتي تبدو للمعلم بعيدة عن هدف الدرس.

وكثيراً ما يحدث أن يصادف الأطفال الموهوبون بعض الصعوبات مع المدرسين بسبب ما وهبوه من طاقة غريزة وبسب ما يتمتعون به من تلقائية فريدة , وبسبب ما يعتمل في نفوسهم من حس بالصدق وما تفوه به ألسنتهم من كلام صريح, ويعتبر المدرسون هؤلاء الأطفال في أغلب الأحيان وقحين خارجين على النظام وأنانيين عندما يلاحظون أنهم يسلكون بمقتضى نظام معين يخضعون له تصرفاتهم. ذلك أن تصرفات هؤلاء الأطفال تعبر عن عقولهم المتحفزة الملهمة.

ويتعرض الموهوبين أحياناً لعدم القبول داخل الفصل وأحيانا أخرى للعقاب نتيجة لما يحدثونه من مشكلات داخل الفصل ومن هذه المشكلات :

1- كثرة الحركة وإحداث الفوضى في الصف لعدم وجود ما يناسب اهتماماتهم.
2- إهمال أداء الواجبات الموكلة إليهم .
3- رفض المشاركة في الأعمال الجماعية عندما تكون المجموعة أقل من مستوى قدراتهم العقلية.
4- الغضب والانفعال تجاه أي ملاحظات مضادة لأرائهم.
5- عدم الانتباه للمدرس أثناء الشرح.
6- محاولة الإيحاء للمدرس بأنه أقل منهم في مستوى القدرات العقلية .
7- رفض القدرة على التفاهم المناسب بينهم وبين زملائهم مما يؤدي إلى قلة عدد أصدقائهم.
8- رفض الانصياع الى القواعد التنظيمية للصف الدراسي.
9- التفاخر والاستعلاء على زملائهم في الصف.
10مقاطعة شرح المدرس أثناء الشرح بالاعتراض أو التدخل أو التعليق غير المنظم.

ثانياً: مشكلات متعلقة بالمناهج الدراسية.
المناهج المدرسية وضعت للتلميذ العادي وتركز على التزام الطاعة والانصباع للتعليمات والنظم وتعهنى بحفظ الحقائق وتلقين المعلومات ومن ثم تحد الخيال وتعوق التفكير الناقد وتحبط التفكير الابتكاري الذي يتميز به المتفوقين عقلياً والموهوبين.

والواقع أن الاطفال الموهوبين بحاجة الى منهج دراسي خصب ممتنوع لأن ليهم اهتمامات وميولاً عديدة كما أن لديهم مستوى عالياً من القدرات وحباً جماً للاطلاع ورغبة لا تشبع في اكتساب المعرفة.

ويمكن تلخيص المشكلات المتعلقة بالمنهج في التالي:
1- تركيز المناهج الدراسية على التجريد النظري وضبطها زمنياً (عام أو فصل دراسي ) وامتحانياً (كوسيلة للتقييم) مما يقلل من شأن الاهتمام بالأنشطة الإضافية والإعداد لها.
2- عدم كفاية المناهج الدراسية العادية وعدم استجابة المناخ المدرسي العام الذي يغلب عليه طابع الفتور وعدم المبالاة تجاه الطلبة الموهوبين والمتفوقين.

ومن المشكلات التي يواجهها الطفل الموهوب أكاديميا تجاوزه لسرعة التعلم في المدرسة العادية لان المقررات الدراسية وضعت في ضوء مستوى وسرعة الأطفال العاديين ومن هنا تبدأ معاناة الطفل الموهوب في عدم تجاوبه مع ما هو مفروض عليه من مقررات لا ترقى من وجهة نظره الى مستواه العقلي أو سرعته في التحصيل, ومن هنا تظهر معاناته في عدم تجاوبه ورفض مسايرته لما هو مفروض عليه من مقررات.

ثالثاً: مشكلات متعلقة بالنظام المدرسي:
النظام المدرسي تحكمه العديد من القيود التي تحاول من خلالها المدرسة لأن تقدم خدمة تعليمية عامة لجميع الأطفال من العاديين وبالتالي تفشل المدرسة في تحقيق حاجات وطموحات الطفل المتفوق التي تعتبر في الواقع أكبر من مستوى الدراسة التي تقدم إليه إذ أن هذه الكتب وضعت في ضوء مستوى الطفل المتوسط. كذلك لا يطيق الطفل المتفوق طريقة التدريس التي تعتمد على إبراز كافة الأشياء حتى يفهم الطفل العادي وهو ما لا يحتاج إليه المتفوق. 

فالأطفال ذوو القدرة العالية يتطلبون من المدرسة أن تستثير ما لديهم من قدرة عقلية. فإذا فشلت المدرسة في ذلك فان المشكلة تبدأ في الظهور وينقلب التلميذ الموهوب عندئذ إلى كارثة على نفسه وغلى مجتمعه إذ يبدأ في توجيه نشاطه إلى مجالات أخرى مستكرهه.

وهناك عدة مؤثرات داخل النظام المدرسي تؤثر على التلاميذ بصفة عامة وعلى الموهوب بصفة خاصة منها : 

أ- تنقلات التلميذ المتكررة من مدرسة إلى أخرى :
أن انتقال التلميذ من مدرسة إلى أخرى يؤثر تأثير سلبياً عليه ، حيث سيفقد معلميه ، زملائه وأصدقائه الذين تعود عليهم ، وهذا يستدعي بدوره وجوب التأقلم مع المحيط المدرسي الجديد ، وهو ليس بالأمر السهل والهين ،ويحمل في جوانبه احتمالات الفشل والنجاح معاً .
ب - تغيب الأبناء عن المدرسة وهروبهم منها :
وهذا أمر وارد في جميع المدارس ، حيث أن هناك عوامل عديدة تسبب التغيب والهروب ، ومن أهمها أسلوب تعامل المعلمين مع التلاميذ ، وطبيعة علاقاتهم مع زملائهم ، وسلوكهم وأخلاقهم .
ج - تبدل المعلمين المتكرر :
حيث يؤثر هذا التغير المتكرر بالغ التأثير على نفسية التلاميذ ، فليس من السهل أن تتوطد العلاقة بين التلاميذ ومعلميهم ، وإن ذلك يتطلب جهداً كبيراً من قبل الطرفين معا ، و يتطلب المزيد من الوقت لتحقيق هذا الهدف .وهناك أمر هام آخر هو وجوب استقرار جدول الدروس الأسبوعي ، وعم اللجوء إلى تغيره إلا عندما تستدعي الضرورة القصوى .
د ـ ملائمة المادة وطرق تدريسها .
فالمادة الدراسية توضع بحيث تلاءم الطالب المتوسط ولا يراعى فيها حاجات الطالب الموهوب وقدراته.


رابعاً : المشكلات المتعلقة بالجانب الشخصي للطفل الموهوب:
إن الطفل الموهوب يأمل من معلميه أن يعاملوه بتميز وتقدير يختلف عن تعاملهم مع الطفل العادي, فهو يرحب بتكليفه بواجبات زائدة أو القيام بنشاط عقلي أكثر من زملائه العاديين, وقد أظهرت بعض الدراسات والبحوث المختلفة نتيجة تقييم الأطفال الموهوبين أصحاب الذكاء الأعلى الذين يتلقون تعليمهم في إطار التعليم العام الذي يعتبرونه أقل بكثير من قدراته.

ومن أهم المشكلات المتعلقة بالجانب الشخصي للطفل الموهوب ما يلي:
1- البعض يعاني من الخجل والاضطراب عندما يوجه إليه المعلم سؤلاً. 
2- البعض يستريح في العزلة والانطواء والبعد عن المشاركة في أي نشاط.
3- البعض يعاني من مشكلة حادة في النطق( اللتغة- التهتهه)
4- التأخر الدراسي .
5- بعض التلاميذ يشكو من عدم تقدير أسرته له رغم تفوقه.
6- عدم القدرة على تكوين صداقات مع زملاء الصف.
7- الاستعلاء على الآخرين العاقل ذكاء منه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفرق بين التعلم النشط والتقليدى والمقارنة بين التعلم النشط والتقليدى

الاهداف العامة لتدريس الرياضيات للمرحلة الابتدائية

الحصول على كود الطالب | والتسجيل على منصة ادمودو edmodo | والمشروعات البحثية